كُنْتُ قَدْ أَتْمَرْتُ مِنْ عَشْرِ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ ثَمَرَةً مِنْ ثِمَارِ الخَوْخِ وَلَكِنْ عِنْدَمَا فَكَرْتُ فِي مَنْ سَيَكونُ الخَوْخُ مِنْ نَصِيبِهِ، انْزَعَجْتُ كثيراً كانَ عَمْرُو وَصَاحِبُهُ زَيْدُ قَدْ زَرَعاني، وعَمِلا على نموي وكَانَا يَسْتَحِقَانِ أَنْ يَأْكُلا ثَمَرَاتِ الخَوْخ الخاصة بي، وكَانَتْ هَذِهِ هِيَ الحَقِيقَةَ.
وذَاتَ يَوْمٍ خَطَرَ شَيْء بِبالي، واعتباراً مِنْ ذَلِكَ اليَوْمِ بَدَأْتُ أَجْعَلُ ثَمَرَاتِ الخَوْخ الخاصة بي تتساقط، وعِنْدَما لاحظ البُسْتَانِيُّ ذَلِكَ لَمْ يَعُدْ لَدَيَّ ثَمَرَاتُ خوخ اعْتَقَدَ أَنَّ التَّرْبَةَ الخاصَّةَ بِي قَدْ صَارَتْ سَيِّئَةً، وَقَالَ بِصَوْتٍ عال: سَوْفَ أُغَيْرُ مَكانَها العام المقبل وأسقيها جَيِّداً، حَتَّى تُعْطِيَ ثماراً ذاتَ عُصارة".
وعِنْدَمَا أَيْقَظْتُ جُذوري في الربيع التالي رَأَيْتُ أَنَّ نِظَامَها كُلَّهُ قَدِ اخْتَلُ، حَيْثُ جَفْ بَعْضُها تماماً، وانْفَصَلَ بَعْضُهَا الْآخَرُ أَيْضاً، وَبِالطَّبْعِ كَانَتْ هُناكَ بَعْضُ الجُذور ما تزالُ سَليمَةً، فَقُمْتُ أَوْلاً بِإِدْخالِ الجُذور السَّلِيمَةِ فِي التَّرْبَةِ الرَّخْوَةِ، ثُمَّ أَنْبَتْ جُذوراً جَدِيدَةً، وَأَرْسَلْتُها حَوْلِي وهَكَذَا فَكَرْتُ في التَّبَرْعُمِ والتَّوْرِيقِ والإزهار، وتَعَرَّفْتُ أُمِّي.
ولا أَعْلَمُ كَمْ مَرَّ مِنْ عُمُرِي؟ ولَكِنَّ البُسْتانِيُّ لَمْ يَسْتَطِعِ الحُصُولَ ولا حَتَّى عَلَى ثَمَرَةِ خَوْخ وَاحِدَةٍ مِنِّي مُنْذُ ذَلِكَ الوَقْتِ، وَلَنْ يَسْتَطِيعَ الحصول على ثَمَرَاتٍ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضاً، وَأَنا لَنْ أُذْعِنَ لَهُ، سَوَاءٌ تَوَسَّلَ إِلَيَّ، أَمْ أَخافني، أَمْ قَطَعَنِي بِالمِنْشَارِ